ان الحرب الروسية الأوكرانية برهنت على العلاقة المستدامة للسياسة القوة الواقعية، مع ان الجيوبولتيك فقد مصداقيته لفترة ما بعد الحرب الباردة، لكن ومرة أخرى تحول إلى الإطار السائد لفهم العلاقات الدولية وسياسة توازن القوى. مع ان الحرب الأوكرانية والروسية لا تخلق تهديدا عسكريا مباشرا للسعودية وإيران، لكن تداعياتها واسعة النطاق مهمة لكل الحكومات وكذلك العلاقات بينهما.
بالرغم من تأكيدات بايدن فان الولايات المتحدة تبنت إستراتيجية البقاء في الظل أو قليل الأثر في المنطقة بصفتها السلطة الإقليمية في الخليج وذلك منذ بداية حكم أوباما، وان هذا التغيير خلق للاعبين والاتحادات الإقليمية فرصا كبيرة. ان اللاعبين الجديد يبحثون عن التأثير على حروب سوريا واليمن وليبيا التي أدت إلى إحداث تحالفات وقتية.
فضلا عن هذا فان اللاعبين في المنطقة وبغية تحقيق أهدافهم الجيوسياسية دعموا لاعبين غير حكوميين مثل أنصار الله في اليمن، ونتيجة تراكم هذه الفوضى قد تجلت في انقسام الشرق الأوسط، ان هذه التغييرات الجيوسياسية وفرت فرصا لبعض الدول مثل الإمارات والسعودية لتغيير المنطقة أيديولوجيا وبالتالي تعزيز مكانتهم. ان تغيير المكانة الإقليمية بدوره خلق حيوية توازن القوى الجديدة، إذ يلعب فيه كل من إيران والسعودية الدور الرئيس.
ان السعودية وإيران يعدان قوى متوسطة إذ تتركز أنشطة سياساتهما الخارجية على كيفية معرفة المصالح الداخلية والإقليمية والدولية، وكذلك كيفية استيعاب دورهما في تحقق هذه المصالح. هذا ويجب ان نعرف بان أداء الدور في السياسة الخارجية بصفتها آلية لتعزيز شرعية حكام الخليج عبر المصالح القومية، يؤدي إلى توسيع احتياجات السياسة الداخلية.
ان هذه القضية وخاصة في السعودية بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان صارت تحمل عنوانا وطنيا، وعلى هذا الأساس يرى بعض الخبراء ان الأمن بالنسبة للسعودية وإيران يرتبط ارتباطا وثيقا بسياسات القوى العظمى وهي في يومنا هذا الولايات المتحدة وروسيا والصين، وعلى هذا تترك التغييرات على مستوى دينامية القوى العظمى نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، تأثيرها على القوى الإقليمية أي السعودية وإيران، وان التطورات التي تشهدها العلاقات بين البلدين تعد انعكاسا لسياسات القوى الكبرى، إضافة إلى هذا فانه في فترات حساسة مثل الحرب الأوكرانية فان فاعلية القوى الإقليمية تبرز نفسها في مواجهة القوى الكبرى.
مصدر : شفقنا
