افتتح الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس الاثنين، المرحلة الـ11 من حقل “بارس الجنوبي” الغازي العملاق المشترك مع دولة قطر والمعروف فيها باسم حقل الشمال.
وتفقد رئيسي منصة ومنشآت المرحلة الـ11 الغازية التي تقع أقصى جنوب حقل “بارس الجنوبي” فضلاً عن أنها تعتبر إحدى أهم المراحل في هذا الحقل الذي يعد من أكبر حقول الغاز في العالم.
وفي كلمة خلال حفل افتتاح هذا المشروع، قال وزير النفط الإيراني جواد أوجي إنّ تدشين المرحلة الـ11 من حقل “بارس الجنوبي” “جسد الإيمان بقدراتنا”، مشيراً إلى أنّ افتتاحه جاء بعد عشرين عاماً إثر تخلي شركة توتال إنرجيز الفرنسية وشركات أجنبية أخرى عن تنفيذ المشروع.
ولفت أوجي، في كلمته التي بثها التلفزيون الإيراني، إلى أنّ افتتاح المشروع الجديد في حقل “بارس الجنوبي”، جاء بعدما افتتح الرئيس الإيراني قبل ستة أشهر مصفى المرحلة الـ14 من هذا الحقل، وإضافة 50 مليون متر مكعب يومياً إلى طاقات البلاد لمعالجة الغاز.
وكشف أوجي عن تدشين 67 مشروعاً في مجالي النفط والغاز بقيمة 15 مليار دولار حتى نهاية العام الإيراني الحالي الموافق 21 مارس/ آذار 2024.
واستغرقت عملية إنشاء المرحلة الـ11 من حقل “بارس الجنوبي” أكثر من 20 عاماً بسبب انسحاب شركات أجنبية من المشروع على خلفية العقوبات الأميركية المستمرة على إيران، وخاصة منذ 2018 عندما أعلن الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015 والعودة إلى فرض العقوبات على طهران بشكل أشمل وأقسى من قبل.
أعلنت الحكومة الإيرانية الحالية أنها بعد تشكلها قبل عامين برئاسة إبراهيم رئيسي، أعطت الأولوية لبناء المرحلة الـ11 من حقل “بارس الجنوبي” باعتبارها المرحلة الوحيدة غير المطورة من هذا الحقل.
وصرح أوجي، مطلع الشهر الجاري، بأنّ عمليات التنفيذ من صفر إلى 100 تمت في عهد الحكومة الحالية وبقدرات محلية وتم الانتهاء منها قبل 3 سنوات من الموعد المخطط له.
وتتوقع إيران استخراج ما بين 12 و15 مليون متر مكعب من الغاز في المرحلة الـ11 وذلك من 4 آبار من أصل 24 أخرى، ثم تتواصل عمليات الحفر في الآبار الـ20 المتبقية لتصل الكمية المأمول استخراجها من هذه المرحلة من حقل “بارس الجنوبي” في نهاية المطاف إلى 56 مليون متر مكعب يومياً.
وتحقيق هذا الهدف بالإضافة إلى حفر تلك الآبار يتطلب أيضاً تركيب منصة جديدة في المرحلة الـ11.
وسترسل إيران الغاز المستخرج من المرحلة الـ11 إلى مصفى المرحلة الـ12 في البر لمعالجته وضخه إلى شبكة الغاز العامة في البلاد.
وبعد عام ونصف من دخول الاتفاق النووي 2015 حيز التنفيذ، عقدت إيران خلال يونيو/ حزيران 2017 صفقة بقيمة 4 مليارات و800 مليون دولار مع ائتلاف تجاري مكون من شركة توتال إنرجيز الفرنسية وشركة الصين الوطنية للنفط (CNPC) وشركة بتروبارس الإيرانية لتطوير المرحلة الـ11 من حقل “بارس الجنوبي”.
كانت “توتال إنرجيز” تقود هذه المجموعة وكانت تبلغ حصتها فيها 50.1%، كما كانت حصة الشركة الصينية 30% وحصة الشركة الإيرانية 19.9%. كان من المقرر بدء الإنتاج في المرحلة الـ11 حسب المخطط له بعد 40 شهراً من إبرام الصفقة، لكن ذلك لم يحدث حيث انسحبت “توتال إنرجيز” بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي ثم انسحبت الشركة الصينية لاحقاً وأوكلت الحكومة الإيرانية تنفيذ المشروع إلى متخصصين محليين.
وفي عهد الحكومة الإيرانية الـ13 الحالية، ركزت وزارة النفط جل اهتمامها على تطوير المرحلة الـ11 من حقل “بارس الجنوبي” لبلوغها مرحلة الإنتاج في ظل الحاجات المتزايدة في البلاد لاستهلاك الغاز. وفي أول خطوة قامت بنقل المنصة البحرية من المرحلة الـ12 من الحقل إلى المرحلة الـ11 وبدأت بحفر الآبار المنتجة.
ووفق بيانات شركة النفط الوطنية الإيرانية، فإنّ حجم احتياطيات إيران من الغاز الطبيعي يبلغ أكثر من 33.7 تريليون متر مكعب وحجم الاحتياطيات النفطية يصل إلى نحو 209 مليارات برميل.
وتحتل إيران المركز الثاني عالمياً بعد روسيا في امتلاك أكبر احتياطيات الغاز. كما أنها ثالث أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم بعد روسيا وقطر، غير أنه بسبب المشاكل التي تواجهها إيران وخاصة العقوبات الأميركية ظل استخراج الغاز في إيران من احتياطاتها المؤكدة منخفضاً بشكل كبير، إذ إنّ حصة إيران من إنتاج الغاز في العام تبلغ 5% فيما حصتها من احتياطيات الغاز العالمية هي 17%، ما يعني، وفق صحيفة “اعتماد” الإيرانية، أنّ البلاد لم تتمكن بعد من استخراج 70% من احتياطياتها الغازية.
وعمليات التنقيب عن الغاز والنفط في إيران مستمرة، فقد أعلنت الحكومة، عام 2021، عن اكتشاف مخازن تحت الأرض تحتوي 1.9 مليار برميل من النفط، فضلاً عن 388 مليار متر مكعب من الغاز.
استخرجت إيران خلال السنوات الـ23 الماضية ألفي مليار متر مكعب من الغاز من حقل “بارس الجنوبي”، وبلغت عوائد ذلك 360 مليار دولار.
لكن صناعات إيران في حقول النفط والغاز دخلت طور التهالك منذ سنوات، إذ تحتاج إلى تحديثها للحفاظ على قدراتها الإنتاجية ورفع مستواها، فيما تواجه البلاد مشاكل كبيرة في تمويل هذه التحديثات واستقدام التقنيات المتقدمة بسبب العقوبات الأميركية، وهو ما دفع السلطات الإيرانية إلى البحث عن حلول عاجلة للاستثمار في القطاعين النفطي والغازي وتقديم عروض مقايضة النفط والمكثفات الغازية بالاستثمار في هذه القطاعات لقاء تمويلها خلال السنوات الأخيرة.
وسبق أن انتقد أوجي عدم القيام بـ”استثمارات لازمة” في قطاعي النفط والغاز خلال السنوات الماضية، محذراً من أنه “إذا لم يتم الاستثمار في تطوير هذه القطاعات سنتحول إلى مستورد لهذه المنتجات”، أي النفط ومشتقاته والغاز، متحدثاً عن حاجة إيران لاستثمار 160 مليار دولار في هذه القطاعات.
وفي يوليو/ تموز 2022، وقعت شركة النفط الوطنية الإيرانية على أكبر استثمار أجنبي في تاريخ إيران، بعد التوقيع على مذكرة تفاهم للاستثمار الروسي في صناعة النفط والغاز الإيرانية بقيمة 40 مليار دولار. وأبرمت شركة النفط الإيرانية الصفقة مع شركة غازبروم الروسية الحكومية، وتشمل تطوير ثلاثة حقول غازية و6 حقول نفطية.
المصدر : العربي