في السنوات الـ 12 منذ أن مُنحت قطر حق تنظيم كأس العالم لكرة القدم 2022، أنفقت الدولة الخليجية تحضيراً للحدث، ما يقارب 300 مليار دولار (وفق تقديرات بلومبرغ)، غيرت وجه البلاد، التي باتت الآن زاخرة بالملاعب والفنادق الجديدة التي تم بناؤها لاستيعاب أكثر من مليون مشجع.
وصلت البطولة التي تُقام كل أربع سنوات إلى منطقة الشرق الأوسط للمرة الأولى في تاريخها الممتد لـ 92 عاماً، ما يجعلها أكبر حدث رياضي يقام في المنطقة على الإطلاق. إنه أيضاً أول حدث عالمي مفتوح للجمهور منذ أن أدت قيود كوفيد إلى منع المشجعين من المشاركة في أولمبياد طوكيو الصيفية والألعاب الش بكين.
ومن المتوقع أن تحقق البطولة عائدات قياسية لـ FIFA، وأن تتفوق على ما يقرب من 5.4 مليار دولار حققتها لها بطولة كأس العالم 2018 في روسيا. وقد شاهد حوالي 3.6 مليار شخص نسخة كأس العالم 2018، ومن المقرر أن يشارك المليارات في متابعة النسخة القطرية، وفق ما أوردته “بلومبرغ” في تقرير مفصل.
خصوصية نسخة قطر
على عكس نهائيات كأس العالم السابقة، حيث امتدت الملاعب عبر مدن متعددة، ستُلعب جميع المباريات ضمن مسافة 31 ميلاً (نحو 50 كلم) من كورنيش الدوحة الرئيسي. وهذا يعني أن العاصمة ستتضخم بأكثر من مليون مشجع، أي ما يقرب من ثلث إجمالي سكان قطر، على مدار البطولة التي تستمر لمدة شهر.
في خروج آخر عن التقاليد، تعد هذه المرة الأولى التي ينظم فيها FIFA الحدث في نوفمبر وديسمبر بدلاً من أشهر منتصف العام، لتجنب الصيف الحار في قطر.
7 ملاعب جديدة
تم بيع ما يقرب من 3 ملايين تذكرة – جميع المقاعد المتاحة تقريباً – بحلول منتصف أكتوبر. وقال FIFA إنه إلى جانب المقيمين في قطر، كان سكان السعودية والإمارات من بين كبار المشترين.
وستستضيف ثمانية ملاعب مباريات البطولة، سبعة منها تم بناؤها حديثاً فيما تم تجديد واحد.
ولا يمثل تشييد تلك الملاعب سوى جزء صغير من ميزانية الـ 300 مليار دولار التي استثمرتها قطر منذ فوزها على الولايات المتحدة لاستضافة الحدث في العام 2010.
وقد شكل صغر حجم البلد تحدياً للمنظمين، الذين تحولوا إلى أماكن إقامة غير تقليدية بما في ذلك السفن السياحية والمعسكرات الصحراوية والشقق المفروشة. وكانت الخطة تركز على توفير 130 ألف غرفة، لكن العديد من الفنادق لم تكتمل في الوقت المناسب.
رحلات مكوكية
يتم تسيير رحلات ذهاباً وإياباً في نفس اليوم من وإلى المدن المجاورة، وقد لجأت قطر إلى جيرانها، حيث تم إطلاق ما يقرب من 100 رحلة ذهاباً وعودة يومياً بين الدوحة ومدن المنطقة الرئيسية الأخرى، ستسمح للزوار بالإقامة خارج قطر.
وقد شهدت دبي بشكل خاص ارتفاعاً في الطلب على الغرف الفندقية. وبموقعها على بعد 55 دقيقة فقط من قطر، من المتوقع أن تستفيد الإمارة التي تعد وجهة سياحية أكثر من غيرها.
يقول المنظمون إن الحجم الصغير لقطر يشكل ميزة، إذ يتيح القرب من الملاعب وخطوط النقل للجماهير حضور مباريات متعددة في يوم واحد. وقد تم ربط معظم الملاعب بوسائل النقل العام، بما في ذلك نظام مترو جديد وأسطول من الحافلات الكهربائية.
إنفاق سخي
أدى نظام المترو الجديد، وميناء الشحن الحديث، وتوسيع المطار الرئيسي، وبناء مدينة مخططة شمال الدوحة إلى إحداث تغيير في البلاد. وتقول السلطات إن الكثير مشاريع البنية التحتية كانت قيد الدراسة بالفعل، لكن كأس العالم دفعت بالجدول الزمني.
بحسب الأرقام التي جمعتها “بلومبرغ”، يشمل إنفاق قطر حوالي 45 مليار دولار لبناء ملعب لوسيل، وهو مشروع ضخم شمال وسط الدوحة، والذي كان عبارة عن صحراء في العام 2010.
يلي الملعب من حيث التكلفة مشروع المترو، الذي كلف 36 مليار دولار، ثم مشروع توسعة المطار بتكلفة 15.5 مليار دولار، وبقية الملاعب بتكلفة 10 مليارات دولار، أما الميناء الجديد فكلف بناؤه 7.4 مليار دولار، وتطوير وسط الدوحة 4.5 مليار دولار، أما المناطق الاقتصادية فكلفت 3.2 مليار دولار.
وتضم البلدية الجديدة مركزاً حضرياً وأرخبيلاً صناعياً وملعب لوسيل حيث ستقام المباراة النهائية لكأس العالم.
يأمل المسؤولون القطريون أن تساعد البنية التحتية التي تم تطويرها كجزء من استعدادات كأس العالم، في تعزيز اقتصاد البلاد غير القائم على الطاقة.
Alarabiya : مصدر